وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ قالت صحيفة واشنطن تايمز إن المحادثات بين سوريا ودولة الاحتلال الصهيونية والتي شهدت تقدما كبيرا نحو التوصل إلى اتفاق يشار إليه إعلاميا باسم "خارطة طريق السويداء"، تعثرت في لحظاتها الأخيرة بسبب خلافات داخلية لدى الطرفين، وبالأخص بسبب طلب إسرائيلي مثير للجدل.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم فون كوكاين- أن الاتفاق الذي أنجزت ملامحه الرئيسية بعد جولات متعددة من المفاوضات بوساطة أميركية، يتضمن عدة بنود أساسية أبرزها إنشاء منطقة عازلة جنوبي سوريا، والعودة إلى حدود اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، وتوفير حماية موسعة للطائفة الدرزية في المنطقة.
وكان من المتوقع -حسب الصحيفة- أن يعلن الرئيس السوري أحمد الشرع رسميا عن إبرام الاتفاق خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، لكن مطالبة دولة الاحتلال بفتح "ممر إنساني" إلى محافظة السويداء التي تقطنها غالبية درزية، أدت إلى انهيار جهود إعلان الاتفاق.
ورأت الصحيفة أن هذا الطلب الإسرائيلي يرتبط بمخاوف داخلية تتعلق بالطائفة الدرزية التي يتجاوز عددها 100 ألف مواطن داخل فلسطين المحتلة، إذ يعتقد مراقبون أن الحكومة الإسرائيلية تسعى لإرضاء هؤلاء المواطنين من خلال التأكيد على التزامها بحماية الدروز في سوريا، في ظل الصراع الداخلي المستمر هناك.
لكن خبراء إستراتيجيين حذروا من أن الممر الإنساني المقترح غير عملي من الناحية الأمنية لأنه يجب أن يمر عبر محافظة درعا، وهي منطقة ذات أغلبية سنية، مما يجعل القوافل معرضة لهجمات محتملة من جماعات معادية.
ويرى الباحث أحمد الشراوي أن هذا الطلب يأتي من باب "المناورة السياسية الداخلية" أكثر مما هو خيار واقعي على الأرض، خاصة أن دولة الاحتلال تؤكد التزامها بحماية الدروز السوريين، وبالفعل تدخلت عسكريا لصالحهم عندما اندلعت اشتباكات بين القوات الحكومية السورية وقبائل بدوية ومليشيات درزية في السويداء.
الكرة في ملعب دولة الاحتلال الصهيونية
ورغم أن حكومة الشرع أظهرت رغبة واضحة في إبرام الاتفاق، فإن ماضي الشرع كقيادي في جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة الارهابية يثير مخاوف جدية لدى دولة الاحتلال الصهيونية، التي تشكك في تخلي الشرع عن خلفيته الارهابية، كما تقول الصحيفة الأميركية.
أما على الجانب السوري فقد تغير المشهد السياسي الشعبي في البلاد بعد سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد؛ فإن التحركات الإسرائيلية الأخيرة في غزة واستمرار احتلالها للجولان عمقت الكراهية الشعبية تجاه دولة الاحتلال الصهيونية، بحسب استطلاعات حديثة.
مع ذلك، تشير التقارير إلى أن الحكومة السورية تتخذ نهجا براغماتيا، وتبدو مستعدة للمضي قدما في الاتفاق بغض النظر عن الرأي العام الداخلي، في سبيل تحقيق الاستقرار السياسي وإعادة رسم موقع سوريا الإقليمي.
ويؤكد تشارلز ليستر، مدير مبادرة سوريا في معهد الشرق الأوسط، أن سوريا وافقت بالفعل على الاتفاق، وقامت بتقديم تنازلات كبيرة كانت ستعتبر في السابق مرفوضة شعبيا.
في النهاية، يرى مراقبون أن الكرة الآن في الملعب الإسرائيلي، فإما أن تختار إسرائيل المسار الدبلوماسي وتوقع الاتفاق، وإما أن تستمر في سياسة إضعاف سوريا والحفاظ على حالة الانقسام والفوضى فيها، رغم أن ضغط الإدارة الأميركية لاتخاذ الخيار الأول، حسب ليستر.
...............
انتهاء / 232
تعليقك